القائمة الرئيسية

رالي ريادة الأعمال

Jan 2020 05

ريادة الأعمال

إن فكرت باختيارها يوماً ما، فهذا يعني أنك اخترت أن تسلك طريق المجهول، وهو الطريق الذي لا يسلكه إلا من أراد الاعتماد على نفسه و استخدام رؤيته و مهاراته في عبورها.

طريق ريادة الأعمال على قدر جماله و روعته، إلا أنه مليء بالمفاجآت التي قد تعيق من تقدمك و تؤخرك عن بقية زملائك، حتى أنه قد تأتيك لحظات تتمنى فيها لو أنك سلكت الطريق الأسهل الذي مشى به جميع أصدقائك.

و هذه النقطة هي التي تميزك إن كنت رائد أعمال حقيقي أم أنك رائد أعمال لمجرد نزوة تريد أن تقلد فيها أحد قدواتك، و هنا يأتي التحدي الحقيقي الذي تتحدى فيه إرادتك و تبدأ بجمع قواك من جديد لتستمر على الطريق الذي رسمته في بداياتك و تتذكر فيه لماذا بدأت و قررت أن تسلك طريق التجارة و لماذا أردت أن تصبح مختلفاً.

كل تلك اللحظات ستراودك في مسيرتك، و كل كلمات الرفض و الرسائل التي تلقيتها بأن مشروعك أو فكرتك أو كتابك لن ينجح، و كمية الرسائل التي تصلك بأنك لن تستطيع أن تستمر بالخطة و عليك تغييرها و دفع المزيد من التكاليف ستصيبك بالإحباط، و لكن سرعان ما ستنظر إلى الوراء و تسأل نفسك: ماذا حققت إلى الآن؟ كم خطوة مشيتها؟ كم شخصاً أثرت في حياته؟ و ماذا عن كمية العلاقات التي اكتسبتها و الإنجازات التي قمت بها و التي تعتبر ضريبة الطريق المختلفة، و التي يتم دفع ضريبتها من خلال الاستمرارية بها مهما حدث.

صديقي طلال البدر قرر أن يخوض تجربة جديدة في عالم الراليات، و سجل اسمه  كمشارك في رالي عسير عام 2019 و تم قبوله، و ذهبت بدوري لمؤازرته في مدينة أبها و حضور السباق.

كانت فكرة السباق أن يدخل المتسابق إلى الصحراء بخريطة غير واضحة تماماً و غير مسموح له أن يطلع عليها إلا من خلال الملاح الذي بجواره الذي يخبره بالمنعطفات و إحداثيات الطريق.

كنت أتوقع أن فكرة السباق هي أن من يستطيع الوصول أولاً سيكون الفائز، و لكنني فوجئت أن فكرة السباق هي الوصول فقط و التوقيت يأتي كإضافة.

صعوبة الوصول إلى خط النهاية تكمن في وعورة الطريق و الأحجار و الصخور و المفاجآت التي توجد بكثرة في طريقك، ناهيك عن الوقت الذي تقضيه في القيادة بتركيز مستمر و متعب و منهك قد تستمر فيه من 3 ساعات إلى أيام في بعض السباقات يواجه فيها السائقون حالات خطرة تحترق فيها سياراتهم و تتدمر فيها معدات السيارة السفلية و قد يتعطل فيها المحرك في منتصف الطريق!

هل تتوقعون أن هذه هي النهاية؟

الجواب: لا!

فالمتسابق الأفضل هو من يملك معه فريقاً رائعاً و محترفاً يواجه تلك العقبات باحترافية و يستبدل كل ما تعطل بسرعة و إن تعطلت السيارة بأكملها فيكون هناك سيارة بديلة. 

كل الاحتمالات واردة و ما يهم هو الوصول إلى خط النهاية و الاستمرار مهما كلف الأمر.

صديقي طلال استمر حتى وصل إلى خط النهاية بتوقيت يعتبر ممتازاً كأول سباق له، و الذي حقق به المركز السادس في سباق رالي عسير، و بعدها حقق المركز الرابع في رالي القصيم.

يستعد طلال الآن لخوض سباق جديد في رالي نيوم و هو الرالي الذي يسبق أكبر رالي في العالم -  رالي دكار الذي سيقام في المملكة العربية السعودية لأول مرة.

سعيد جداً أنني كنت جزءاً من لحظاته في تحقيق حلمه بالمشاركة في رالي دكار و منافسة أعظم المتسابقين في العالم.

هذا السباق هو ببساطة مثال واضح يمثل رحلتنا في عالم ريادة الأعمال. 

إن كنت تريد الاستمرار يجب عليك أن توفر جميع الاحتياطات و تصبح مرناً قدر الإمكان في مواجهة جميع المفاجآت، و الأهم أن تمتلك فريقاً رائعاً يساعدك على الوصول لأبعد نقطة ممكنة، و هذا الأمر هو الذي سيجعلني أكرس معظم مواضيع كتابي القادم عن فريق العمل و أهميته و كيفية التعامل معه. و لكن يجب أن تكون مستعداً تماماً بصقل مهاراتك لتصبح أهلا للتعامل مع فريق قوي و تتمكن من قيادتهم، الأمر الذي لن يتحقق إلا بكثرة التجارب و الاستمرار مهما كلف الأمر.

أراك عن خط النهاية.

**هذه المقالة مأخوذة من كتاب فلوس101