ريادة الأعمال
إن فكرت باختيارها يوماً ما، فهذا يعني أنك اخترت أن تسلك طريق المجهول، وهو الطريق الذي لا يسلكه إلا من أراد الاعتماد على نفسه و استخدام رؤيته و مهاراته في عبورها.
طريق ريادة الأعمال على قدر جماله و روعته، إلا أنه مليء بالمفاجآت التي قد تعيق من تقدمك و تؤخرك عن بقية زملائك، حتى أنه قد تأتيك لحظات تتمنى فيها لو أنك سلكت الطريق الأسهل الذي مشى به جميع أصدقائك.
و هذه النقطة هي التي تميزك إن كنت رائد أعمال حقيقي أم أنك رائد أعمال لمجرد نزوة تريد أن تقلد فيها أحد قدواتك، و هنا يأتي التحدي الحقيقي الذي تتحدى فيه إرادتك و تبدأ بجمع قواك من جديد لتستمر على الطريق الذي رسمته في بداياتك و تتذكر فيه لماذا بدأت و قررت أن تسلك طريق التجارة و لماذا أردت أن تصبح مختلفاً.
كل تلك اللحظات ستراودك في مسيرتك، و كل كلمات الرفض و الرسائل التي تلقيتها بأن مشروعك أو فكرتك أو كتابك لن ينجح، و كمية الرسائل التي تصلك بأنك لن تستطيع أن تستمر بالخطة و عليك تغييرها و دفع المزيد من التكاليف ستصيبك بالإحباط، و لكن سرعان ما ستنظر إلى الوراء و تسأل نفسك: ماذا حققت إلى الآن؟ كم خطوة مشيتها؟ كم شخصاً أثرت في حياته؟ و ماذا عن كمية العلاقات التي اكتسبتها و الإنجازات التي قمت بها و التي تعتبر ضريبة الطريق المختلفة، و التي يتم دفع ضريبتها من خلال الاستمرارية بها مهما حدث.
صديقي طلال البدر قرر أن يخوض تجربة جديدة في عالم الراليات، و سجل اسمه كمشارك في رالي عسير عام 2019 و تم قبوله، و ذهبت بدوري لمؤازرته في مدينة أبها و حضور السباق.
كانت فكرة السباق أن يدخل المتسابق إلى الصحراء بخريطة غير واضحة تماماً و غير مسموح له أن يطلع عليها إلا من خلال الملاح الذي بجواره الذي يخبره بالمنعطفات و إحداثيات الطريق.
كنت أتوقع أن فكرة السباق هي أن من يستطيع الوصول أولاً سيكون الفائز، و لكنني فوجئت أن فكرة السباق هي الوصول فقط و التوقيت يأتي كإضافة.
صعوبة الوصول إلى خط النهاية تكمن في وعورة الطريق و الأحجار و الصخور و المفاجآت التي توجد بكثرة في طريقك، ناهيك عن الوقت الذي تقضيه في القيادة بتركيز مستمر و متعب و منهك قد تستمر فيه من 3 ساعات إلى أيام في بعض السباقات يواجه فيها السائقون حالات خطرة تحترق فيها سياراتهم و تتدمر فيها معدات السيارة السفلية و قد يتعطل فيها المحرك في منتصف الطريق!
هل تتوقعون أن هذه هي النهاية؟
الجواب: لا!
فالمتسابق الأفضل هو من يملك معه فريقاً رائعاً و محترفاً يواجه تلك العقبات باحترافية و يستبدل كل ما تعطل بسرعة و إن تعطلت السيارة بأكملها فيكون هناك سيارة بديلة.
كل الاحتمالات واردة و ما يهم هو الوصول إلى خط النهاية و الاستمرار مهما كلف الأمر.
صديقي طلال استمر حتى وصل إلى خط النهاية بتوقيت يعتبر ممتازاً كأول سباق له، و الذي حقق به المركز السادس في سباق رالي عسير، و بعدها حقق المركز الرابع في رالي القصيم.
يستعد طلال الآن لخوض سباق جديد في رالي نيوم و هو الرالي الذي يسبق أكبر رالي في العالم - رالي دكار الذي سيقام في المملكة العربية السعودية لأول مرة.
سعيد جداً أنني كنت جزءاً من لحظاته في تحقيق حلمه بالمشاركة في رالي دكار و منافسة أعظم المتسابقين في العالم.
هذا السباق هو ببساطة مثال واضح يمثل رحلتنا في عالم ريادة الأعمال.
إن كنت تريد الاستمرار يجب عليك أن توفر جميع الاحتياطات و تصبح مرناً قدر الإمكان في مواجهة جميع المفاجآت، و الأهم أن تمتلك فريقاً رائعاً يساعدك على الوصول لأبعد نقطة ممكنة، و هذا الأمر هو الذي سيجعلني أكرس معظم مواضيع كتابي القادم عن فريق العمل و أهميته و كيفية التعامل معه. و لكن يجب أن تكون مستعداً تماماً بصقل مهاراتك لتصبح أهلا للتعامل مع فريق قوي و تتمكن من قيادتهم، الأمر الذي لن يتحقق إلا بكثرة التجارب و الاستمرار مهما كلف الأمر.
أراك عن خط النهاية.
**هذه المقالة مأخوذة من كتاب فلوس101